سأروي لكم اليوم قصة عن حالة مرت منذ شهور خلت و لا أرويها لكم قصد الإخبار و لكن كنموذج من نماذج العلاج متوخيا من ذلك أخذ العبرة منها و الاستفادة لعلي أكون بذلك قد أعطيتكم صورة مقربة عن حقيقة العلاج و أبدأ هنا بأعراض الحالة , أي بما كانت تعانيه السيدة – رشيدة- من مشاكل لازمتها أربعة عشر سنة و اشتدت عليها في سنة فحولت حياتها جحيما لا يطاق ,
هذه السيدة التي عرفت منذ نعومة أظافرها بحبها للضحك والبسط و النشاط داخل بيتها ومع الجيران.
و بدأت معاناتها بمشاكل في المعي الذي أكد الأطباء أنه سليم , ثم حرمت حلاوة النوم و الراحة و عشقت الوحدة و الانعزال بعدما كانت اجتماعية بطبعها .
زارت أطباء في مختلف التخصصات دون نتيجة ثم طرقت أبواب السحرة و المشعوذين و الدجالين ثم مرورا بأصحاب الرقى كل أدلى بدلوه . كانت الحالة بعد كل معالج تزداد سوءا و توثرا لتنفجر بعد ذلك ... فأصبحت تهدد أباها بالسكين كلما دخل البيت و تطرده لدرجة أنه اتخذ مسكنا آخر , تزيل ملابسها في الشارع , تهرب في الشوارع حافية القدمين لا يقبضون عليها إلا بمطاردة بالسيارات , لا تصوم رمضان و لا تصلي , شرهة في تناول الطعام , تأكل اللحوم النيئة , تطرد كل ضيف قصد دارها , تنهل ضربا و سبا على كل مسكين قصد حيهم يطلب الصدقة , و يا ويل أهلها إن أسدوا معروفا إلى أحد الجيران , و يا ويل مائدة الطعام إن ذكر عليها -بسم الله – فان كل الأواني معرضة للكسر , أما عن القرآن فمنع من البيت و إذا سمع الآذان من المسجد المجاور بدأ السب و الشتم و الصراخ , بعد هذه الأعراض التي اختصرتها زارت السيدة و زارها العشرات من المعالجين و طرق أهلها كل الأبواب الممكنة رجاءا أن يخففوا من آلامها و معاناتهم معها لكن بلا نتيجة فكل من يراها يعدهم انه سيعود في الصباح الموالي فيخرج بلا عودة .
إلى أن شاءت الأقدار في ذلك الصباح حين و صلتني مكالمة من أهلها وعدتهم بالسفر إليهم بعد ثلاثة أيام ,
أخذت معي أخا لي و أذكر أننا دخلنا عليها الباب في الساعة الثامنة صباحا و بمجرد أن وقعت عينها علينا ثارت في وجهنا سبا و شتما و أخذت في النباح كالكلاب . ومن تلك اللحظة و أنا أقرأ عليها القرآن إلى الصباح الموالي مقفلين عليها الباب لأن العدو يحاول الهروب بها و بعد هذه المدة المجهدة بطبيعة الحال أفاقت من غيبوبتها و هنا بدأ العلاج ... الذي سنشير اليه راجين من الله العلي القدير أن يوصل المبتغى إلى آذانكم و قلوبكم لكي تفهموا أن الأمر ليس مرضا و إنما هو حرب عقائدية محضة و أذكركم قبل الشروع في تفاصيل العلاج بقول عمر ابن الخطاب عندما عاد منتصرا من أحد الغزوات – و الله ما غلبناهم بعددنا و لا بعدتنا و لكن غلبناهم بطاعتنا لله و معصيتهم له فلو تساوينا في المعصية لغلبونا بعددهم و عدتهم –
كتب الله لها الشفاء بعد تسعة و ثلاثين يوما , صامت خلالها اثنان و ثلاثين يوما قضاءا لرمضان الذي أفطرته , عاد الأب الى البيت و عادت البسمة و أصبحت تخرج و تعود و تعطي الصدقة و عاد الضيوف و عاد الأمل و عادت الحياة و فقدت أربعة كيلوغرامات من وزني...
سأشرح لكم بإيجاز لما كلما قرأ القرآن عليها ازدادت الحالة سوءا لأن من شروط الاستشفاء بالقرآن الإيمان و القرآن لا يزيد الظالمين إلا خسارا و الظلم مراتب :
1- الظلم العظيم – الشرك-
2- ظلم الناس
3- ظلم النفس
بردنا المظالم إلى هؤلاء و التوبة و الالتزام بمكارم الأخلاق يحصل النصر على هذا العدو و يحصل أكثر من ذلك من نورانيات و راحة و اطمئنان وأنس بالله عز و جل ... و هكذا نحول هذا الابتلاء إلى نعمة جليلة و نضرب الشيطان بسلاحه هذا بإيجاز فافهم ترشد بإذن الله تعالى